حسن الشامي يكتب : التمييز الايجابي للمرأة والمشاركة السياسية

  • الأحد ٢٥ / ديسمبر / ٢٠١٦
حسن الشامي يكتب : التمييز الايجابي للمرأة والمشاركة السياسية

التمييز الايجابي للمرأة والمشاركة السياسية

من القضايا الأساسية التي وضعت للنقاش والحوار الفكري والحضاري في القرن العشرين هي قضية حقوق المرأة، ومشاركتها في الحياة العامة، والعمل السياسي. فالمرأة هي نصف المجتمع، ومن غير المتصور تحقيق نهضة حقيقية في المجتمع بدون التعويل على دور أكبر للمرأة في مجتمعنا، حيث تمثل أمثر من نصف سكان مصر كما تشير إلى ذلك البيانات الإحصائية لواقع المجتمع المصري. واقع تمكين المرأة في مصر ويشير واقع الحال في مصر إلى إن قضية تمكين المرأة سياسياً وتعزيز مشاركتها الفعالة في العمل السياسي مازالت منقوصة بشكل ملحوظ ولم تحظ باهتمام كبير على أجندة الأحزاب السياسية الحكومية أو المعارضة بشكل عام، وذلك بسبب الواقع الاجتماعي السائد ورسوخ النظرة الدونية للمرأة. حيث تعتبر مشاركة المرأة في الحياة السياسية مؤشرا ومقياسا على تقدم وتحضر المجتمع، ومن أجل ضمان وتعزيز تواجد المرأة في العملية السياسية في المجتمع يجب تطوير مشاركة المرأة في الأحزاب والحركات السياسية والاجتماعية المختلفة، ومنظمات المجتمع المدني التي تهتم بمختلف قضايا المجتمع أو تسعى إلى فتح الطريق أمام مشاركة المرأة السياسية وإبراز دورها، يضاف إلى ذلك ضرورة وجود قوانين معاصرة تقر بالحقوق الأساسية والمشروعة للمرأة وتضمن تحررها ومساواتها بالرجل. المشاركة السياسية للمرأة وهي الممارسة الفعلية للمرأة في العملية السياسية وممارسة دورها قي عمليات التصويت لاختيار وانتخاب رئيس الجمهورية وممثلي الشعب في مجلس النواب وفي المجالس الشعبية في المحليات.. وكذلك الترشيح لأي من هذه المؤسسات التشريعية والرقابية أو المشاركة في عمليات المراقبة الشعبية للعمليات الانتخابية قي كل هذه المؤسسات.. أي إننا نعني هنا الدور الذي يمكن أن تلعبه المرأة علي المستويات المحلية والمستويات القومية وهذا هو الإطار المرجعي العام لمناقشة السلوك السياسي للمرأة. أنماط المشاركة السياسية للمرأة من حيث درجة الفعالية في مشاركتها في العملية السياسية بوجه عام نجد أن هناك أنماطا أخرى من المشاركة السياسية للمرأة تعظم من مشاركتها في العمليات الجارية كالمشاركة في الحياة الحزبية والترشيح لمنصب قيادي حزبي من داخل حزب معين والمساهمة في حملات جمع التمويل الحزبي والمشاركة في الحملات الانتخابية لمرشحي الأحزاب وحضور الاجتماعات العامة الحزبية والمشاركة في النقاش والحوارات التي تتناول قضايا المجتمع ولابد من الإشارة هنا إلى الدور الذي يقوم به الإعلام الجماهيري في التعبئة الاجتماعية وتشجيع العناصر النسائية على المشاركة وتحفيزها عليها. ومن أسباب عزوف المرأة عن المشاركة السياسية في المجتمع المصري : 1 - سيادة التسلط الرجولي على إدارة الدولة ومؤسساتها وسوق العمل والاقتصاد، واحتكار المناصب العليا من قبل الرجال، مما يحد من أهمية وتراجع الدور الذي يمكن أن تقوم به المرأة في المجتمع. 2 - توظيف النساء في أعمال خدمية تقليدية وبالتالي تدني رواتب النساء، وضعف موقعهن الوظيفي والاقتصادي، والذي يعتبر من العوائق الكبيرة أمام تمكين المرأة كي تصبح عنصراً مهماً ومؤثراً في مؤسسات صنع القرار. 3 - تقسيم الأدوار التقليدية بين الرجل والمرأة في الأمور الاجتماعية والأسرية على أساس الجنس، حيث تتحمل المرأة دوما العبء الأكبر في تربية الأطفال ورعاية الأسرة داخل البيت وهي أعمال لا يتم في الغالب تثمين وتقدير قيمتها الاقتصادية من جانب الرجال. 4 - دور الصحافة ووسائل الإعلام المختلفة، وخاصة الصحافة الالكترونية سريعة الانتشار المستندة إلى الفكر الرجولي في ممارسة التشويه الفكري للمرأة، وإبقائها أسيرة أفكار تساهم في الحط من قدراتها على المشاركة الفعالة في النشاطات العامة في المجتمع. 5 - قلة وجود منظمات نسائية فعالة ونشطة في الدفاع الحقيقي عن المرأة، بحيث يكون هدفها تمرير السياسات الخاصة بالمرأة، وتسويق برامجها وكسب العناصر والكوادر النسائية. 6 - تصاعد بعض الحركات الإسلامية المناهضة لحقوق المرأة، وبروز قوى الإسلام السياسي التي تشكك قي أهمية المرأة وتقلل من دورها الايجابي، وحرمانها من أي دور سياسي واجتماعي أو من طرح برامجها السياسية ودعوة إلى عودة المرأة إلى البيت، وهذا بدوره يعتبر من العوائق الكبيرة أمام مشاركة المرأة في العملية السياسية والوصول إلى مواقع صنع القرار، حيث تتعرض الكثيرات من الناشطات الحقوقيات في مجال المرأة للعديد من المضايقات. 7 - تفشي ظاهرة الفقر في كثير من دول العالم وحصول المرأة على حصة الأسد من الفقر العالمي وخاصة في قارة إفريقيا وآسيا، وارتفاع نسبة المرأة المعيلة في الريف المصري والأحياء الشعبية الفقيرة في المدن. 8 – تفشي ظاهرة الأمية وانخفاض المستوى التعليمي للنساء في كثير من الدول العربية ومناطق دول العالم الثالث ومنها مصر مما يعرقل مساعي الارتقاء بنسب التمثيل السياسي للمرأة. كيف يمكن تعزيز مشاركة المرأة في الحياة السياسية في مصر؟ 1 ـ تغيير وتطوير برامج الأحزاب السياسية خاصة الحزب الوطني الحاكم، بحيث تقر فيها المساواة بين الجنسين وممارسة التمييز الايجابي لصالح المرأة وتشجيع المرأة في هذه الأحزاب من خلال زيادة مساحة مشاركة المرأة عن طريق الانتخاب والترشيح في الانتخابات المختلفة على كل المستويات المحلية والتشريعية. 2 - العمل المشترك بين المنظمات الحقوقية المدافعة عن المساواة الكاملة للمرأة لتطبيق وتفعيل الاتفاقيات الدولية بشأن الحقوق السياسية للمرأة ومنها المادة (7) في الاتفاقية الدولية لإلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة لسنة (1979) على أن تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في الحياة السياسية. 3 - تركيز المنظمات الحقوقية، ومنظمات المجتمع المدني على زيادة وعي المرأة بأهمية المشاركة الفعالة في الحياة السياسية والنضال المستمر للوصول إلى مواقع صنع القرار والتوعية الشاملة للمجتمع من أجل تقديم الدعم المعنوي للمرأة، وفرض تطبيق قوانين ودساتير مدنية ومتحضرة تعلي من قيمة وشأن المرأة